المهمة في أجهزة الدولة العثمانية.
كانت بعض الجواري تحرر ويتم تسريحها من الحريم حيث يعد جهازها ويقدم لها وثيقة التسريح لتتزوج برجل أندروني تربى وتعلم ونشأ مثلها في القصر السلطاني. كان السلطان بنفسه يهتم بزواج الأندرونيين مع جواري الحريم حيث كانت هذه المبادرة من السلطان تعزز ثقة الأندرني به وتزيد من صدقه ووفائه تجاه دولته. ولا شك أن هذا الأمر يبين لنا مدى قوة المركزية وعمق جذورها لدى الدولة العثمانية. كان يطلق على الجواري المسرحات من القصر اسم أهل القصور. هذا وقد كان القصر السلطاني يخصص الرواتب وكل التسهيلات للواتي لم تتيسر أمور حياتهن خارج القصر أو للواتي ترملن.. أما اللواتي لم يرغبن في مغادرة القصر كن ينلن الحماية الكاملة والحياة الكريمة في الحريم طيلة حياتهن.
الحريملك جامعة حصينة.
تم تربية المئات من الجواري في الحريم خلال فترة الازدهار بيد أن نسبة 90 منهن كن يعملن كخادمات.. أما المتفوقات من بين هذه الجواري فكانت تعمل في خدمة الحريم وأهل السلطان فقط مقابل راتب مخصص لهن كما لم يكن لهن أية صلة مع السلطان أبدا إنما كان السلطان يهتم فقط ببعض الجواري المتعلمات الذكيات المتفوقات اللواتي تم اختيارهن من قبل والدة السلطان أو المشرف ولم يكن يعلم شيئا عن غيرهن ولم يكن يرى من الأخريات واحدة.
إن التخطيط المعماري للحريم تم تصميمه على شكل جامعة حصينة لا تسمح بالدخول العشوائي إليها حتى للسلطان.. ولعل هذا الأمر يكفي لأن يضحد كل الادعاءات التي تقول بأن السلطان كان يقوم بصف مئات الجواري ويختار منهن من يريد. لقد كان للحريم تخطيط معماري خاص يمنع رؤية ما يجري داخله ويمنح لسكانه الحرية التامة في ممارسة الحياة اليومية.
استمرارية الذرية بالنسبة لآل عثمان كان أمرا مهما للغاية.. ومع ذلك كان يتوفى بعض أولياء العهد في سن مبكر بسبب أو بآخر أو لم تكن تنجب بعض الجواري الأولاد أو تلد بعضها الآخر للسطان إناثا فقط.. كل هذه الأمور كانت من ضمن الأسباب التي دفعت السلاطين العثمانيين إلى الزواج المتعدد. ولابد أن نشير في هذا المقام إلى أن كل زوجات السلاطين العثمانيين أحرارا وجوار كانت سواسية أمام السلطان وأمام الشرع والقانون. بمعنى أدق كان كل ما يجري في الحريم عبارة عن حياة شريفة ومنضبطة تحكمها الشريعة الإسلامية.
والجدير بالذكر أن أغلب المعلومات التي دارت حول الحياة اليومية في مؤسسة الحريم تعود إلى القرن التاسع عشر الميلادي أي إلى الفترة التي بدأ النفوذ الغربي يتوغل في القصر العثماني ولا سيما في الحريم منه.. وهذا دفع المؤرخين إلى تعميم ما كتبوه عن حياة القصر في القرن التاسع عشر على مراحل الازدهار أيضا وهذا بطبيعة الحال جاء بتقييمات خاطئة خيالية لا تمت إلى الحقيقة بصلة. أما الحقيقة